فصل: فَصْلٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. كتاب الديات:

جَمْعُ دِيَةٍ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ وَاوٍ فَاءِ الْكَلِمَةِ يُقَالُ وَدَيْت الْقَتِيلَ أَعْطَيْت دِيَتَهُ وَبَيَانُهَا يَأْتِي (فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَةُ بَعِيرٍ مُثَلَّثَةٌ فِي الْعَمْدِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً أَيْ حَامِلًا) لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ (وَسَوَاءٌ أَوْجَبَ) الْقِصَاصَ فَعَفَا عَنْ الدِّيَةِ أَمْ لَمْ يُوجِبْهُ كَقَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ، وَالْبَعِيرُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْخَلِفَةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ (وَمُخَمَّسَةٌ فِي الْخَطَأِ عِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَكَذَا بَنَاتُ لَبُونٍ وَبَنُونَ لَبُونٍ وَحِقَاقٌ وَجِذَاعٌ) جَمْعُ حِقَّةٍ وَجَذَعَةٍ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ (فَإِنْ قَتَلَ خَطَأً فِي حَرَمِ مَكَّةَ أَوْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا (وَالْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ أَوْ مَحْرَمًا ذَا رَحِمٍ) كَالْأُمِّ وَالْأُخْتِ (فَمُثَلَّثَةٌ) لِعِظَمِ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ لِمَا وَرَدَ فِيهَا، وَلَا يُلْحَقُ بِحَرَمِ مَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ وَلَا الْإِحْرَامُ وَلَا بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ رَمَضَانُ وَلَا أَثَرَ لِمَحْرَمِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَلَا لِقَرِيبٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ كَوَلَدِ الْعَمِّ (وَالْخَطَأُ وَإِنْ تَثَلَّثَ) دِيَةٌ بِمَا ذُكِرَ (فَعَلَى الْعَاقِلَةِ) دِيَتُهُ (مُؤَجَّلَةٌ) لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (وَالْعَمْدُ) فِي دِيَتِهِ (عَلَى الْجَانِي مُعَجَّلَةٌ) عَلَى قِيَاسِ إبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ (وَشِبْهُ الْعَمْدِ) أَيْ دِيَتُهُ (مُثَلَّثَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلَةٌ) التَّثْلِيثُ لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ، وَالْبَاقِي لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا.
(وَلَا يُقْبَلُ مَعِيبٌ) بِمُثْبَتِ الرَّدِّ فِي الرَّدِّ فِي الْبَيْعِ (وَمَرِيضٌ إلَّا بِرِضَاهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ بِذَلِكَ بَدَلًا عَنْ حَقِّهِ فِي الذِّمَّةِ السَّالِمِ مِنْ الْعَيْبِ وَالْمَرَضِ (وَيَثْبُتُ حَمْلُ الْخَلِفَةِ بِأَهْلِ خِبْرَةٍ) أَيْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ (وَالْأَصَحُّ إجْزَاؤُهَا قَبْلَ خَمْسِ سِنِينَ) وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ أَنَّ النَّاقَةَ لَا تَحْمِلُ قَبْلَهَا، وَالثَّانِي اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةً لِخِلَافِ قَوْلَيْنِ (وَمَنْ لَزِمَتْهُ) الدِّيَةُ مِنْ الْعَامِلَةِ أَوْ الْجَانِي (وَلَهُ إبِلٌ فِيهَا) تُؤْخَذُ (وَقِيلَ مِنْ غَالِبِ إبِلِ بَلَدِهِ) إنْ كَانَتْ إبِلُهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَمِثْلُ الْبَلَدِ الْقَبِيلَةُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبِلٌ (فَغَالِبِ) بِالْجَرِّ إبِلِ (بَلْدَةِ بَلَدِيٍّ أَوْ قَبِيلَةِ بَدَوِيٍّ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ أَوْ الْقَبِيلَةِ إبِلٌ (فَأَقْرَبِ) بِالْجَرِّ (بِلَادٍ) أَيْ فَمِنْ غَالِبِ إبِلِ الْأَقْرَبِ وَيَلْزَمُهُ النَّقْلُ إنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ فَإِنْ بَعُدَتْ بِأَنْ كَانَتْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَعَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ وَالْمَشَقَّةُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَسَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ بِالْإِبِلِ (وَلَا يَعْدِلُ إلَى نَوْعٍ وَقِيمَةٍ إلَّا بِتَرَاضٍ) فَيَجُوزُ الْعُدُولُ بِهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ هَكَذَا أَطْلَقَهُ وَلْيَكُنْ مَبْنِيًّا عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ إبِلِ الدِّيَةِ أَيْ وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ لِجَهَالَةِ صِفَتِهَا. (وَلَوْ عُدِمَتْ) الْإِبِلُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِبُ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ أَوْ وُجِدَتْ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ (فَالْقَدِيمُ) الْوَاجِبُ (أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) فِضَّةً. لِحَدِيثٍ بِذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ (وَالْجَدِيدُ) الْوَاجِبُ (قِيمَتُهَا) بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ يَوْمَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ (بِنَقْدِ بَلَدِهِ) الْغَالِبِ (وَإِنْ وَجَبَ بَعْضٌ) مِنْهَا (أَخَذَ قِيمَةَ الْبَاقِي وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى) فِي الدِّيَةِ (كَنِصْفِ) دِيَةِ (رَجُلٍ نَفْسًا وَجُرْحًا) بِضَمِّ الْجِيمِ. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ: «دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ» وَأَلْحَقَ بِنَفْسِهَا جُرْحَهَا وَبِهَا الْخُنْثَى نَفْسًا وَجُرْحًا؛ لِأَنَّ زِيَادَتَهُ عَلَيْهَا مَشْكُوكٌ فِيهَا.
(وَ) دِيَةُ (يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ ثُلُثُ) دِيَةِ (مُسْلِمٍ) أَخْذًا عَنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَرَضَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ». رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ وَقَالَ بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (وَ) دِيَةُ (مَجُوسِيٍّ ثُلُثُ عُشْرِ) دِيَةِ (مُسْلِمٍ) كَمَا قَالَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِخُمُسِ دِيَةِ الذِّمِّيِّ وَهُوَ مَنْ لَهُ كِتَابٌ وَدِينٌ كَانَ حَقًّا وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَمُنَاكَحَتُهُ، وَيُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إلَّا الْخَامِسُ، فَكَانَتْ دِيَتُهُ خُمُسَ دِيَتِهِ (وَكَذَا وَثَنِيٌّ) أَيْ عَابِدُ وَثَنٍ بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ صَنَمٍ (لَهُ أَمَانٌ) بِأَنْ دَخَلَ لَنَا رَسُولًا فَقُتِلَ وَمِثْلُهُ عَابِدُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَيْ دِيَتُهُ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ، وَالْمَرْأَةُ فِي الْأَرْبَعَةِ عَلَى النِّصْفِ مِمَّا ذُكِرَ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْإِسْلَامُ) وَقُتِلَ (إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ فَدِيَةُ دِينِهِ) دِيَتُهُ، وَقِيلَ دِيَةُ مُسْلِمٍ لِعُذْرِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ بُدِّلَ (فَكَمَجُوسِيٍّ) دِيَتُهُ، وَقِيلَ دِيَةُ ذَلِكَ الدِّينِ.

. فَصْلٌ:

(فِي مُوضِحَةِ الرَّأْسِ أَوْ الْوَجْهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ) أَيْ مِنْهُ (خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) لِحَدِيثِ «فِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالثَّلَاثَةُ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَالْبَعِيرُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (وَ) فِي (هَاشِمَةٍ مَعَ إيضَاحِ عَشَرَةٍ)، لِمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْجَبَ فِي الْهَاشِمَةِ عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ» وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيَّ وَالْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى زَيْدٍ (وَدُونَهُ) أَيْ وَفِي هَاشِمَةٍ مِنْ غَيْرِ إيضَاحٍ (خَمْسَةٌ) أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ قَبْلُ (وَقِيلَ حُكُومَةٌ) كَكَسْرِ سَائِرِ الْعِظَامِ. (وَ) فِي (مُنَقِّلَةٍ) وَهِيَ مَسْبُوقَةٌ بِهَشِمٍ وَإِيضَاحٍ (خَمْسَةَ عَشَرَ) بَعِيرًا لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَبِذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَرَوَوْا مِنْ حَدِيثِهِ مَا سَبَقَ فِي الْمُوضِحَةِ (وَ) فِي (مَأْمُومَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ) لِحَدِيثِ عَمْرٍو بِذَلِكَ أَيْضًا وَقِيسَ بِهَا الدَّامِغَةُ، وَقِيلَ تُزَادُ حُكُومَةٌ لِخَرْقِ الْخَرِيطَةِ وَقِيلَ فِيهَا الدِّيَةُ لِأَنَّهَا تُذَفِّفُ وَمَنَعَ ذَلِكَ (وَلَوْ أَوْضَحَ) وَاحِدٌ (فَهَشَمَ آخَرُ وَنَقَلَ ثَالِثٌ وَأَمَّ رَابِعٌ فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ خَمْسَةٌ وَالرَّابِعُ تَمَامُ الثُّلُثِ) وَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثُ بَعِيرٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُسْلِمِ الذَّكَرِ فَالْخَمْسَةُ فِي الْمُوضِحَةِ مَثَلًا نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ، فَتُرَاعَى هَذِهِ النِّسْبَةُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَفِي مُوضِحَةِ الْمَرْأَةِ بَعِيرَانِ وَنِصْفٌ وَالذِّمِّيِّ بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ وَالْمَجُوسِيِّ ثُلُثُ بَعِيرٍ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ.
(وَالشِّجَاجُ قَبْلَ الْمُوضِحَةِ) مِنْ الْحَارِصَةِ وَغَيْرِهَا الْمُتَقَدِّمِ (إنْ عُرِفَتْ نِسْبَتُهَا مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمُوضِحَةِ بِأَنْ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ مُوضِحَةٌ إذَا قِيسَ بِهَا الْبَاضِعَةُ مَثَلًا عَرَفَ أَنَّ الْمَقْطُوعَ ثُلُثٌ أَوْ نِصْفٌ فِي عُمْقِ اللَّحْمِ (وَجَبَ قِسْطٌ مِنْ أَرْشِهَا) أَيْ الْمُوضِحَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ نِسْبَتُهَا مِنْهَا، (فَحُكُومَةٌ كَجُرْحٍ فِي سَائِرِ الْبَدَنِ) أَيْ بَاقِيَةٌ كَالْإِيضَاحِ وَالْهَشْمِ وَالتَّنْقِيلِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ (وَفِي جَائِفَةٍ ثُلُثُ دِيَةٍ) حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِذَلِكَ رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ (وَهِيَ جُرْحٌ يَنْفُذُ) بِالْمُعْجَمَةِ (إلَى جَوْفٍ كَبَطْنٍ وَصَدْرٍ وَثُغْرَةِ نَحْرٍ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ (وَجَبِينٍ وَخَاصِرَةٍ) أَيْ كَدَاخِلِ الْمَذْكُورَاتِ وَصَوَّرَ فِي الْجَنِينِ بِمَا نَقَلَ عَنْهُمْ مِنْ أَنَّ الْجُرْحَ النَّافِذَ مِنْهُ إلَى جَوْفِ الدِّمَاغِ جَائِفَةٌ وَوَجَّهَ بِهِ الْعُدُولَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ إلَى الْجَنْبَيْنِ الْمَفْهُومِ مِمَّا ذَكَرَ مَعَهُ وَمِنْهُ الْوَرِكُ وَلَيْسَ مِنْ الْجَوْفِ دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ (وَلَا يَخْتَلِفُ أَرْشُ مُوضِحَةٍ بِكَبَرِهَا) فَالْكَبِيرَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فِي أَرْشِهَا الْمُتَقَدِّمِ. (وَلَوْ أَوْضَحَ مَوْضِعَيْنِ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ وَجِلْدٌ قِيلَ أَوْ أَحَدَهُمَا فَمُوضِحَتَانِ) وَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ وُجُودُ حَاجِزٍ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ وَالْأَصَحُّ فِيهَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ أَتَتْ عَلَى الْمَوْضِعِ كُلِّهِ كَاسْتِيعَابِهِ بِالْإِيضَاحِ، وَلَوْ عَادَ الْجَانِي فَرَفَعَ الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَزِمَهُ أَرْشٌ وَاحِدٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا لَوْ تَآكَلَ الْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِسِرَايَةِ فِعْلِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ, (وَلَوْ انْقَسَمَتْ مُوضِحَتُهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ شَمِلَتْ رَأْسًا وَوَجْهًا فَمُوضِحَتَانِ وَقِيلَ مُوضِحَةٌ) نَظَرًا لِلصُّورَةِ، وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى اخْتِلَافِ الْحُكْمِ أَوْ الْمَحَلِّ (وَلَوْ وَسَّعَ مُوضِحَةً فَوَاحِدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا لَوْ أَتَى بِهِ ابْتِدَاءً كَذَلِكَ؛ وَالثَّانِي ثِنْتَانِ (أَوْ) مُوضِحَةُ (غَيْرِهِ فَثِنْتَانِ) لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُبْنَى عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ (وَالْجَائِفَةُ كَمُوضِحَةٍ فِي التَّعَدُّدِ) وَعَدَمِهِ فَلَوْ أَجَافَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ وَجِلْدٌ قِيلَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَجَائِفَتَانِ وَلَوْ رَفَعَ الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا أَوْ تَآكَلَ فَوَاحِدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَكَذَا لَوْ انْقَسَمَتْ عَمْدًا وَخَطَأً (وَلَوْ نَفَذَتْ) بِالْمُعْجَمَةِ (فِي بَطْنٍ وَخَرَجَتْ مِنْ ظَهْرٍ فَجَائِفَتَانِ فِي الْأَصَحِّ) اعْتِبَارًا لِلْخَارِجَةِ بِالدَّاخِلَةِ، وَالثَّانِي فِي الْخَارِجَةِ حُكُومَةٌ. (وَلَوْ أَوْصَلَ جَوْفَهُ سِنَانًا لَهُ طَرَفَانِ فَثِنْتَانِ) حَيْثُ الْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا سَلِيمٌ.
(وَلَا يَسْقُطُ الْأَرْشُ بِالْتِحَامِ مُوضِحَةٍ وَجَائِفَةٍ) لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الذَّاهِبِ وَالْأَلَمِ الْحَاصِلِ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ فِي الْأُذُنَيْنِ دِيَةً لَا حُكُومَةً) وَهُوَ قَوْلٌ أَوْ وَجْهٌ مُخَرَّجٌ وُجِّهَ بِأَنَّ السَّمْعَ لَا يُحَلِّهِمَا وَلَيْسَ فِيهِمَا مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيَّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَسَوَاءٌ فِيهِمَا الْقَطْعُ وَالْقَلْعُ وَالسَّمْعُ وَالْأَصَمُّ (وَبَعْضٌ) مِنْهُمَا (بِقِسْطِهِ) مِنْ الدِّيَةِ وَهُوَ صَادِقٌ بِوَاحِدَةٍ فَفِيهَا النِّصْفُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ وَبِبَعْضِهَا وَيُقَدَّرُ بِالْمِسَاحَةِ (وَلَوْ أَيْبَسَهُمَا) بِالْجِنَايَةِ (فَدِيَةٌ وَفِي قَوْلٍ حُكُومَةٌ) لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُمَا لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ، وَهِيَ جَمْعُ الصَّوْتِ لِيَصِلَ إلَى الصِّمَاخِ وَمَحَلِّ السَّمَاعِ، وَعُورِضَ بِبُطْلَانِ الْمَنْفَعَةِ الْأُخْرَى، وَهِيَ دَفْعُ الْهَوَامِّ بِالْإِحْسَاسِ (وَلَوْ قَطَعَ يَابِسَتَيْنِ فَحُكُومَةٌ وَفِي قَوْلٍ دِيَةٌ) الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عَلَى الثَّانِي كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ.
(وَفِي كُلِّ عَيْنٍ نِصْفُ دِيَةٍ). لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَحَدِيثُهُ أَيْضًا «وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (وَلَوْ) هِيَ (عَيْنَ أَحْوَلَ وَأَعْمَشَ وَأَعْوَرَ) أَيْ ذِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ فَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بَاقِيَةٌ فِي أَعْيُنِهِمْ وَمِقْدَارُهَا لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ (وَكَذَا مَنْ بِعَيْنِهِ بَيَاضٌ لَا يُنْقِصُ الضَّوْءَ) فِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ (فَإِنْ نَقَصَ فَقِسْطٌ) مِنْهُ فِيهَا إنْ انْضَبَطَ النَّقْصُ بِالِاعْتِبَارِ بِالصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا بَيَاضَ فِيهَا (فَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ) النَّقْصُ (حُكُومَةٌ) فِيهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيَاضُ عَلَى الْبَيَاضِ أَمْ عَلَى السَّوَادِ أَمْ النَّاظِرِ (وَفِي كُلِّ جَفْنٍ رُبُعُ دِيَةٍ وَلَوْ) كَانَ (لِأَعْمَى) فَفِي الْأَرْبَعَةِ الدِّيَةُ عَلَى قِيَاسِ أَنَّ فِي الْمُتَعَدِّدِ مِنْ جِنْسِ الدِّيَةِ تُقْسَمُ عَلَى أَفْرَادِهِ كَالْعَيْنَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ (وَ) فِي (مَارِنٍ) وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ مُشْتَمِلٌ عَلَى طَرَفَيْنِ، وَحَاجِزٍ (دِيَةٌ) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الْأَنْفِ إذَا اُسْتُؤْصِلَ الْمَارِنُ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ» وَحَدِيثُ طَاوُسٍ عِنْدَنَا فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَفِي الْأَنْفِ إذَا قُطِعَ مَارِنُهُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ، وَلَا يُزَادُ فِي قَطْعِ الْقَصَبَةِ مَعَهُ شَيْءٌ وَتَنْدَرِجُ حُكُومَتُهَا فِي دِيَتِهِ فِي الْأَصَحِّ (وَفِي كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْهِ وَالْحَاجِزِ ثُلُثٌ) مِنْ الدِّيَةِ (وَقِيلَ فِي الْحَاجِزِ حُكُومَةٌ وَفِيهِمَا) أَيْ فِي الطَّرَفَيْنِ (دِيَةٌ) لِأَنَّ الْجَمَالَ وَالْمَنْفَعَةَ فِيهِمَا وَقَالَ الْأَوَّلُ وَفِي الْحَاجِزِ (وَ) فِي (كُلِّ شَفَةٍ نِصْفٌ) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (وَ) فِي (لِسَانِ) لِنَاطِقٍ، (وَلَوْ لَاكِنٍ وَأَرَتَّ) بِالْمُثَنَّاةِ (وَأَلْثَغَ) بِالْمُثَلَّثَةِ (وَطِفْلٍ دِيَةٌ)، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ مَنْ ذُكِرَ قَبْلُ وَأَبُو دَاوُد (وَقِيلَ شَرْطُ الطِّفْلِ ظُهُورُ أَثَرِ نُطْقٍ بِتَحْرِيكِهِ لِبُكَاءٍ وَمَصٍّ) فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَحُكُومَةٌ (وَلِأَخْرَسَ حُكُومَةٌ) فَإِنْ ذَهَبَ ذَوْقُهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ (وَ) فِي (كُلِّ سِنٍّ لِذَكَرٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ)، لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (سَوَاءٌ كَسَرَ الظَّاهِرَ مِنْهَا دُونَ السِّنْخِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَإِعْجَامِ الْخَاءِ، وَهُوَ أَصْلُهَا الْمُسْتَتِرُ بِاللَّحْمِ (أَوْ قَلَعَهَا بِهِ وَفِي سِنٍّ زَائِدَةٍ حُكُومَةٌ وَحَرَكَةُ السِّنِّ إنْ قَلَّتْ) بِحَيْثُ لَا تَنْقُصُ الْمَنَافِعُ (فَكَصَحِيحَةٍ) تِلْكَ السِّنُّ (وَإِنْ بَطَلَتْ الْمَنْفَعَةُ) بِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ (فَحُكُومَةٌ) فِي سِنِّهَا (أَوْ نَقَصَتْ) الْمَنْفَعَةُ بِالْحَرَكَةِ (فَالْأَصَحُّ) سِنُّهَا (كَصَحِيحَةٍ) فَفِيهَا الْأَرْشُ، وَالثَّانِي فِيهَا الْحُكُومَةُ لِلنَّقْصِ.
(وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ صَبِيٍّ لَمْ يُثْغَرْ) بِضَبْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ أَيْ مِنْ أَسْنَانِهِ الَّتِي تَسْقُطُ وَتَعُودُ غَالِبًا (فَلَمْ تَعُدْ) وَقْتَ الْعَوْدِ (وَبَانَ فَسَادُ الْمَنْبَتِ وَجَبَ الْأَرْشُ) السَّابِقُ (وَإِلَّا ظَهَرَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ) لِلْحَالِ (فَلَا شَيْءَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَالظَّاهِرُ الْعَوْدُ لَوْ عَاشَ وَالثَّانِي يَجِبُ الْأَرْشُ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعَوْدِ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَعَادَتْ لَا يَسْقُطُ الْأَرْشُ) لِأَنَّ الْعَوْدَ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ. وَالثَّانِي قَالَ الْعَائِدَةُ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْأُولَى (وَلَوْ قُلِعَتْ الْأَسْنَانُ) كُلُّهَا وَهِيَ ثِنْتَانِ وَثَلَاثُونَ (فَبِحِسَابِهِ) فَفِيهَا مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا (وَفِي قَوْلٍ لَا تَزِيدُ عَلَى دِيَةٍ إنْ اتَّحَدَ جَانٍ وَجِنَايَةٌ) كَأَنْ يُسْقِطَهَا بِضَرْبَةٍ، وَلَوْ أَسْقَطَهَا بِضَرَبَاتٍ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ انْدِمَالٍ فَفِيهَا الْقَوْلَانِ وَقِيلَ تُزَادُ قَطْعًا كَمَا لَوْ تَخَلَّلَ الِانْدِمَالُ بَيْنَ كُلِّ سِنٍّ وَأُخْرَى أَوْ تَعَدَّدَ الْجَانِي.
(وَ) فِي (كُلِّ لَحْيٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ (نِصْفُ دِيَةٍ) كَالْأُذُنِ وَاللِّحْيَانِ مَنْبَتُ الْأَسْنَانِ السُّفْلَى (وَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْأَسْنَانِ) وَهِيَ سِتَّ عَشْرَةَ (فِي دِيَةِ اللَّحْيَيْنِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَدْخُلُ اتِّبَاعًا لِلْأَقَلِّ الْأَكْثَرُ فَفِيهِمَا بِأَسْنَانِهِمَا عَلَى الْأَوَّلِ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ بَعِيرًا وَعَلَى الثَّانِي مِائَةٌ وَقَدْ لَا يَكُونُ عَلَيْهِمَا أَسْنَانٌ كَلَحْيِ طِفْلٍ لَمْ تَنْبُتْ أَسْنَانُهُ أَوْ شَيْخٍ تَنَاثَرَتْ أَسْنَانُهُ.
(وَفِي كُلِّ يَدٍ نِصْفُ دِيَةٍ إنْ قُطِعَ مِنْ كَفٍّ فَإِنْ قُطِعَ مِنْ فَوْقِهِ فَحُكُومَةٌ أَيْضًا وَ) فِي (كُلِّ أُصْبُعٍ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ وَ) فِي (كُلِّ أُنْمُلَةٍ) مِنْ غَيْرِ إبْهَامٍ (ثُلُثُ الْعَشَرَةِ وَ) فِي (أُنْمُلَةِ إبْهَامٍ نِصْفُهَا وَالرِّجْلَانِ كَالْيَدَيْنِ) فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فَفِي قَطْعِ كُلِّ رِجْلٍ مِنْ الْقَدَمِ نِصْفُ دِيَةٍ، وَمِنْ فَوْقِهِ حُكُومَةٌ أَيْضًا وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْهُمَا عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ، وَأَنَامِلُ أَصَابِعِ الرِّجْلِ كَأَنَامِل أَصَابِعِ الْيَدِ كَذَا قَالُوا رَوَى النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «فِي الْيَدِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ».
(وَفِي حَلَمَتَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (دِيَتُهَا)، فَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ وَهِيَ رَأْسُ الثَّدْيِ النِّصْفُ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْإِرْضَاعِ بِهَا كَمَنْفَعَةِ الْيَدِ بِالْأَصَابِعِ وَلَا يُزَادُ بِقَطْعِ الثَّدْيِ مَعَهَا شَيْءٌ وَتَدْخُلُ حُكُومَتُهُ فِي دِيَتِهَا فِي الْأَصَحِّ (وَ) فِي (حَلَمَتَيْهِ) أَيْ الرَّجُلِ (حُكُومَةٌ وَفِي قَوْلٍ دِيَةٌ) كَالْمَرْأَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِانْتِفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ (وَفِي أُنْثَيَيْنِ) أَيْ جِلْدَتَيْ الْبَيْضَتَيْنِ (دِيَةٌ وَكَذَا ذَكَرَ)، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الذَّكَرِ وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (وَلَوْ) كَانَ الذَّكَرُ (لِصَغِيرٍ وَشَيْخٍ وَعِنِّينٍ) فَفِيهِ دِيَةٌ (وَحَشَفَةٌ كَذَكَرٍ)، فَفِيهَا دِيَةٌ لِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِ الذَّكَرِ وَهِيَ لَذَّةُ الْمُبَاشَرَةِ تَتَعَلَّقُ بِهَا، (وَبَعْضُهَا بِقِسْطِهِ مِنْهَا وَقِيلَ مِنْ الذَّكَرِ) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِكَمَالِ الدِّيَةِ (وَكَذَا حُكْمُ بَعْضِ مَارِنٍ وَحَلَمَةٍ) أَيْ يَكُونُ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمَارِنِ وَالْحَلَمَةِ وَقِيلَ بِقِسْطِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْفِ وَالثَّدْيِ بِنَاءً عَلَى انْدِرَاجِ حُكُومَةِ قَصَبَةِ الْأَنْفِ وَحُكُومَةِ الثَّدْيِ فِي دِيَةِ الْمَارِنِ وَدِيَةِ الْحَلَمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(وَفِي الْأَلْيَيْنِ) وَهُمَا مَوْضِعُ الْقُعُودِ (الدِّيَةُ) كَالْأُنْثَيَيْنِ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فَفِي أَلْيَيْهَا دِيَتُهَا وَفِي الْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ إحْدَاهُمَا وَجَبَ قِسْطُهُ إنْ عَرَفَ قَدْرَهُ وَإِلَّا فَالْحُكُومَةُ (وَكَذَا شَفْرَاهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ وَهُمَا حَرْفَا الْفَرْجِ فِيهِمَا دِيَتُهَا كَالْأَلْيَيْنِ (وَكَذَا حُكْمُ سَلْخِ جِلْدٍ) فِيهِ دِيَةُ الْمَسْلُوخِ مِنْهُ (إنْ بَقِيَ) فِيهِ (حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَحَزَّ غَيْرُ السَّالِخِ رَقَبَتَهُ) بَعْدَ السَّلْخِ أَيْ إنْ فُرِضَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالسَّلْخُ قَاتِلٌ لَهُ وَجُعِلَ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ كَوَاحِدٍ وَجَبَتْ فِيهِ مِنْ الْبَدَنِ كَاللِّسَانِ وَالذَّكَرِ.
فَرْعٌ: فِي إزَالَةِ الْمَنَافِعِ (فِي الْعَقْلِ) أَيْ إزَالَتِهِ (دِيَةٌ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ «فِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ»، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا إنْ زَالَ بِجِنَايَةٍ لَا أَرْشَ لَهَا، وَلَا حُكُومَةَ كَأَنْ ضَرَبَ رَأْسَهُ أَوْ لَطَمَهُ (فَإِنْ زَالَ بِجُرْحٍ لَهُ أَرْشٌ أَوْ حُكُومَةٌ وَجَبَا) أَيْ الدِّيَةُ وَالْأَرْشُ أَوْ الْحُكُومَةُ (وَفِي قَوْلٍ يَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ) فَفِي زَوَالِهِ بِالْإِيضَاحِ يَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي دِيَتِهِ وَفِي زَوَالِهِ بِقَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ تَدْخُلُ دِيَتُهُ فِي دِيَتِهِمَا. (وَلَوْ ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (زَوَالَهُ) أَيْ الْعَقْلِ بِالْجِنَايَةِ وَأَنْكَرَ الْجَانِي (فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ قَوْلُهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَفِعْلُهُ فِي خَلَوَاتِهِ) بِأَنْ رُوقِبَ فِيهَا (فَلَهُ دِيَةٌ بِلَا يَمِينٍ) لِأَنَّ يَمِينَهُ تُثْبِتُ جُنُونَهُ وَالْمَجْنُونُ لَا يَحْلِفُ، وَإِنْ انْتَظَمَ قَوْلُهُ وَفِعْلُهُ فِي خَلَوَاتِهِ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ صُدُورِ الْمُنْتَظِمِ اتِّفَاقًا أَوْ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ، وَفِي قَوْلِهِ ادَّعَى الْمَعْدُولُ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَنْكَرَ الْجَانِي تَصْرِيحٌ بِالدَّعْوَى الْأَصْلُ لِلْإِنْكَارِ وَفُهِمَ مِنْ السِّيَاقِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَاسْتَشْكَلَ سَمَاعَ دَعْوَاهُ الْمُتَضَمِّنَةِ لِزَوَالِ عَقْلِهِ وَأُوِّلَ بِأَنَّ الْمُرَادَ ادَّعَى وَلِيُّهُ وَمِنْهُ مَنْصُوبُ الْحَاكِمِ.
(وَفِي السَّمْعِ) أَيْ إبْطَالِهِ (دِيَةٌ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ «فِي السَّمْعِ الدِّيَةُ» وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ. (وَ) فِي إبْطَالِهِ (مِنْ أُذُنٍ نِصْفٌ) مِنْ الدِّيَةِ، (وَقِيلَ قِسْطُ النَّقْصِ) مِنْهُ مِنْ الدِّيَةِ (وَلَوْ أَزَالَ أُذُنَيْهِ وَسَمْعَهُ فَدِيَتَانِ) لِأَنَّ السَّمْعَ لَيْسَ فِي الْأُذُنَيْنِ (وَلَوْ ادَّعَى زَوَالَهُ وَانْزَعَجَ لِلصِّيَاحِ فِي نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ فَكَاذِبٌ) لَكِنْ يَحْلِفُ الْجَانِي لِاحْتِمَالِ أَنَّ الِانْزِعَاجَ بِسَبَبٍ آخَرَ اتِّفَاقِيٌّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْزَعِجْ (حَلَفَ) لِاحْتِمَالِ تَجَلُّدِهِ (وَأَخَذَ دِيَةً وَإِنْ نَقَصَ) السَّمْعُ (فَقِسْطُهُ) أَيْ النَّقْصِ مِنْ الدِّيَةِ (وَإِنْ عَرَفَ) قَدْرَهُ بِأَنْ عَرَفَ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا، فَصَارَ يَسْمَعُ مِنْ قَدْرِ نِصْفِهِ مَثَلًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ بِالنِّسْبَةِ (فَحُكُومَةٌ) فِيهَا (بِاجْتِهَادِ قَاضٍ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ سَمْعُ قَرْنِهِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ مَنْ لَهُ مِثْلُ سِنِّهِ (فِي صِحَّتِهِ وَيَضْبِطُ التَّفَاوُتَ بَيْنَ سَمْعَيْهِمَا) وَذَلِكَ بِأَنْ يُجْلِسَ قَرْنَهُ بِجَنْبِهِ وَيُنَادِيَهُمَا مَنْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لَا يَسْمَعُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ثُمَّ يَقْرُبُ الْمُنَادِي شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَقُولَ الْقَرْنُ: سَمِعْت فَيَعْرِفُ الْمَوْضِعَ، ثُمَّ يُدِيمُ الْمُنَادِي ذَلِكَ الْحَدَّ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ، وَيَقْرُبُ إلَى أَنْ يَقُولَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ: سَمِعْت فَيَضْبِطُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ أَيْ وَيُؤْخَذُ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ (وَإِنْ نَقَصَ) السَّمْعُ (مِنْ أُذُنٍ سُدَّتْ وَضَبَطَ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْأُخْرَى ثُمَّ عَكَسَ) أَيْ سُدَّتْ الصَّحِيحَةُ، وَضَبَطَ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْعَلِيلَةِ (وَوَجَبَ قِسْطُ التَّفَاوُتِ) مِنْ الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ النِّصْفُ وَجَبَ رُبُعُ الدِّيَةِ.
(وَفِي ضَوْءِ كُلِّ عَيْنٍ) أَيْ إذْهَابِهِ (نِصْفُ دِيَةٍ) ذَكَرُوا فِيهِ حَدِيثَ مُعَاذٍ: «فِي الْبَصَرِ الدِّيَةُ» وَهُوَ غَرِيبٌ (فَلَوْ فَقَأَهَا لَمْ يَزِدْ) عَلَى النِّصْفِ بِخِلَافِ إزَالَةِ الْأُذُنِ وَإِبْطَالِ السَّمْعِ مِنْهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ ادَّعَى زَوَالَهُ) أَيْ الضَّوْءِ وَأَنْكَرَ الْجَانِي (سَأَلَ أَهْلَ الْخِبْرَةِ) فَإِنَّهُمْ إذَا أَوْقَفُوا الشَّخْصَ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِ الشَّمْسِ وَنَظَرُوا فِي عَيْنِهِ عَرَفُوا أَنَّ الضَّوْءَ ذَاهِبٌ أَوْ قَائِمٌ بِخِلَافِ السَّمْعِ لَا يُرَاجَعُونَ فِيهِ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَتِهِ (أَوْ يُمْتَحَنُ بِتَقْرِيبِ عَقْرَبٍ أَوْ حَدِيدَةٍ مِنْ عَيْنِهِ بَغْتَةً وَنَظَرَ هَلْ يَنْزَعِجُ) أَوْ لَا فَإِنْ انْزَعَجَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْزَعِجْ فَقَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا: نَقَلَ السُّؤَالَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَجَمَاعَةٍ وَالِامْتِحَانَ عَنْ جَمَاعَةٍ وَرَدَّ الْأَمْرَ إلَى خِبْرَةِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا عَنْ الْمُتَوَلِّي (وَإِنْ نَقَصَ) الضَّوْءُ (فَكَالسَّمْعِ) فِي نَقْصِهِ، فَإِنْ عَرَفَ قَدْرَ النَّقْصِ بِأَنْ كَانَ يَرَى الشَّخْصَ مِنْ مَسَافَةٍ فَصَارَ لَا يَرَاهُ إلَّا مِنْ نِصْفِهَا مَثَلًا فَقِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ نَقَصَ ضَوْءُ عَيْنٍ عُصِبَتْ وَوَقَفَ شَخْصٌ فِي مَوْضِعٍ يَرَاهُ وَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَبَاعَدَ حَتَّى يَقُولَ لَا أَرَاهُ فَتُعْرَفُ الْمَسَافَةُ ثُمَّ تُعْصَبُ الصَّحِيحَةُ وَتُطْلَقُ الْعَلِيلَةُ وَيُؤْمَرُ الشَّخْصُ بِأَنْ يَقْرُبَ رَاجِعًا إلَى أَنْ يَرَاهُ فَيَضْبِطَ مَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ وَيَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ.
(وَفِي الشَّمِّ) أَيْ إزَالَتِهِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ، (دِيَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) ذَكَرُوا فِيهِ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الشَّمِّ الدِّيَةُ» وَهُوَ غَرِيبٌ. وَالثَّانِي فِيهِ حُكُومَةٌ لِأَنَّهُ ضَعِيفُ النَّفْعِ وَدُفِعَ بِأَنَّهُ مِنْ الْحَوَاسِّ الَّتِي هِيَ طَلَائِعُ الْبَدَنِ فَكَانَ كَغَيْرِهِ مِنْهَا وَفِي إزَالَتِهِ مِنْ أَحَدِ الْمَنْخِرَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ نَقَصَ وَعَلِمَ قَدْرَ الذَّاهِبِ وَجَبَ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَحُكُومَةٌ (وَفِي الْكَلَامِ) أَيْ إبْطَالِهِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى اللِّسَانِ (دِيَةٌ). رَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ: «فِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ» إنْ مَنَعَ الْكَلَامَ وَنَقَلَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ (وَفِي) إبْطَالِ (بَعْضِ الْحُرُوفِ قِسْطُهُ وَالْمُوَزَّعُ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ) أَوَّلُهَا فِي الذِّكْرِ عَادَةً أَلْفٌ أَيْ هَمْزَةٌ فَفِي ذَهَابِ نِصْفِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي كُلِّ حَرْفٍ رُبُعُ سُبُعِ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَتَرَكَّبُ مِنْ جَمِيعِهَا (وَقِيلَ لَا يُوَزَّعُ عَلَى الشَّفَهِيَّةِ وَالْحَلْقِيَّةِ) وَالْأُولَى الْبَاءُ وَالْفَاءُ وَالْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالثَّانِيَةُ الْهَاءُ وَالْهَمْزَةُ وَالْعَيْنُ وَالْحَاءُ الْمُهْمَلَتَانِ وَالْغَيْنُ وَالْخَاءُ الْمُعْجَمَتَانِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى اللِّسَانِ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى الْحُرُوفِ الْخَارِجَةِ مِنْهُ، وَهِيَ مَا عَدَا الْمَذْكُورَاتِ، وَالْأَوَّلُ قَالَ الْحُرُوفُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَخَارِجُهَا الِاعْتِمَادُ فِي جَمِيعِهَا عَلَى اللِّسَانِ وَبِهِ يَسْتَقِيمُ النُّطْقُ، وَالْحَلْقِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إلَى الْحَلْقِ، وَالشَّفَهِيَّةُ إلَى الشَّفَةِ وَأَصْلُهَا شَفَهَةٌ، وَقِيلَ شَفْوَةٌ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْمُحَرَّرِ الشَّفَوِيَّةُ وَقَوْلُهُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ تَعَلَّقَ بِالْمُوَزَّعِ. وَقَوْلُهُ قِسْطُهُ أَيْ إنْ كَانَ فِي الْبَعْضِ الْبَاقِي كَلَامٌ مَفْهُومٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ذَلِكَ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وُجُوبُ كَمَالِ الدِّيَةِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْكَلَامِ قَدْ فَاتَتْ، وَجَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيُّ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالثَّانِي وُجُوبُ الْقِسْطِ وَمَا تَعَطَّلَ بِهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ كَمَا لَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَتَعَطَّلَ مَشْيُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَنَصُّهُ فِي الْأُمِّ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (لَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا) أَيْ الْحُرُوفِ (خِلْقَةً) كَالْأَرَتِّ وَالْأَلْثَغِ (أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَدِيَةٌ) فِي إبْطَالِ كَلَامِهِ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ، (وَقِيلَ قِسْطٌ) مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى جَمِيعِ الْحُرُوفِ (أَوْ بِجِنَايَةٍ فَالْمَذْهَبُ لَا تَكْمُلُ دِيَةً) فِي إبْطَالِ كَلَامِهِ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أَبْطَلَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ، وَقِيلَ تَكْمُلُ وَالْخِلَافُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَهُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْ فَإِنْ قُلْنَا بِالْقِسْطِ هُنَاكَ فَهُنَا أَوْلَى أَوْ بِالْكَمَالِ هُنَاكَ فَهُنَا فِيهِ وَجْهَانِ وَحَاصِلُهُ طَرِيقَانِ قَاطِعَةٌ، وَحَاكِيَةٌ الْخِلَافَ وَلَوْ أَبْطَلَ بَعْضَ مَا يُحْسِنُهُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَجَبَ قِسْطُهُ مِمَّا ذَكَرَ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ.
(وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبُعُ كَلَامِهِ أَوْ عَكَسَ) أَيْ قَطَعَ رُبُعُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ (فَنِصْفُ دِيَةٍ) اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ، وَلَوْ قَطَعَ النِّصْفَ فَذَهَبَ النِّصْفُ فَنِصْفُ دِيَةٍ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَفِي الصَّوْتِ) أَيْ إبْطَالِهِ مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ عَلَى اعْتِدَالِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ (دِيَةٌ فَإِنْ بَطَلَ مَعَهُ حَرَكَةُ لِسَانٍ فَعَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ فَدِيَتَانِ) لِأَنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دِيَةٌ (وَقِيلَ دِيَةٌ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْكَلَامُ، وَيَفُوتُ بِطَرِيقَيْنِ: انْقِطَاعِ الصَّوْتِ، وَعَجْزِ اللِّسَانِ عَنْ الْحَرَكَةِ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ، رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ «مَضَتْ السُّنَّةُ فِي الصَّوْتِ إذَا انْقَطَعَ بِالدِّيَةِ» وَهَذَا مِنْ الصَّحَابِيِّ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ.
(وَفِي الذَّوْقِ) أَيْ إبْطَالِهِ (دِيَةٌ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْحَوَاسِّ، وَيَبْطُلُ بِجِنَايَةٍ عَلَى اللِّسَانِ أَوْ الرَّقَبَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا. (وَتُدْرَكُ بِهِ حَلَاوَةٌ وَحُمُوضَةٌ وَمَرَارَةٌ وَمُلُوحَةٌ وَعُذُوبَةٌ وَتُوَزَّعُ) الدِّيَةُ (عَلَيْهِنَّ) فَإِذَا أَبْطَلَ إدْرَاكَ وَاحِدَةٍ وَجَبَ خُمُسُ الدِّيَةِ (فَإِنْ نَقَصَ) الْإِدْرَاكُ فَلَمْ يُدْرِكْ الطُّعُومَ عَنْ إكْمَالِهَا (فَحُكُومَةٌ) فِي النَّقْصِ (وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْمَضْغِ) أَيْ إبْطَالِهِ لِأَنَّهُ الْمَنْفَعَةُ الْعُظْمَى لِلْأَسْنَانِ وَفِيهَا الدِّيَةُ فَكَذَا مَنْفَعَتُهَا كَالْبَصَرِ مَعَ الْعَيْنَيْنِ (وَ) تَجِبُ (فِي قُوَّةِ إمْنَاءٍ) أَيْ إبْطَالِهَا (بِكَسْرِ صُلْبٍ) لِفَوَاتِ الْمَاءِ الْمَقْصُودِ لِلنَّسْلِ (وَ) فِي (قُوَّةِ حَبَلٍ) أَيْ إبْطَالِهَا مِنْ الْمَرْأَةِ لِفَوَاتِ النَّسْلِ وَهِيَ دِيَةُ الْمَرْأَةِ (وَ) فِي (ذَهَابِ جِمَاعٍ) بِجِنَايَةٍ عَلَى صُلْبٍ مَعَ بَقَاءِ الْمَاءِ، وَسَلَامَةِ الذَّكَرِ كَمَا صَوَّرَهُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بُطْلَانَ الِالْتِذَاذِ بِالْجِمَاعِ وَعَبَّرَ الْإِمَامُ بِشَهْوَةِ الْجِمَاعِ وَاسْتَبْعَدَ ذَهَابَهَا مَعَ بَقَاءِ الْمَنِيِّ وَعُلِّلَتْ الْمَسْأَلَةُ بِأَنَّ الْمُجَامَعَةَ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ وَلَوْ أَنْكَرَ الْجَانِي ذَهَابَ الْجِمَاعِ صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ.
(وَفِي إفْضَائِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (مِنْ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ أَيٍّ مِنْهُمَا (دِيَةٌ) أَيْ دِيَتُهَا (وَهُوَ رَفْعُ مَا بَيْنَ مَدْخَلِ ذَكَرٍ وَدُبُرٍ وَقِيلَ) مَدْخَلُ (ذَكَرٍ وَ) مَخْرَجُ (بَوْلٍ) وَهُوَ فَوْقَهُ وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى الثَّانِي فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي مَسْأَلَةٍ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِكَوْنِهَا مُفْضَاةً. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ الدِّيَةُ الْأَوَّلُ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَعَلَى الْأَوَّلِ تَجِبُ فِي الثَّانِي حُكُومَةٌ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي الصَّحِيحُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إفْضَاءٌ مُوجَبٌ لِلدِّيَةِ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ يَخْتَلُّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَلَوْ أَزَالَ الْحَاجِزَيْنِ لَزِمَهُ دِيَتَانِ وَسَكَتَ عَلَى مَقَالَتِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَعْدَ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَسَوَاءٌ الْإِفْضَاءُ بِالْوَطْءِ وَغَيْرِهِ، كَأُصْبُعٍ وَخَشَبَةٍ وَالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ وَبِزِنًى (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَطْءُ) لِلزَّوْجَةِ الَّذِي هُوَ حَقُّ الزَّوْجِ (إلَّا بِإِفْضَاءٍ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ) الْوَطْءُ وَلَا يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ.
(وَمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ افْتِضَاضَهَا) أَيْ الْبِكْرِ (فَأَزَالَ الْبَكَارَةَ بِغَيْرِ ذَكَرٍ) كَأُصْبُعٍ وَخَشَبَةٍ (فَأَرْشُهَا) يَلْزَمُهُ وَهُوَ الْحُكُومَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ تَقْدِيرِ الرِّقِّ كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ بِذَكَرٍ لِشُبْهَةٍ) كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ (أَوْ مُكْرَهَةً فَمَهْرُ مِثْلٍ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ) الْبَكَارَةِ (وَقِيلَ مَهْرُ بِكْرٍ) وَلَا أَرْشَ وَإِنْ طَاوَعَتْهُ فَلَا مَهْرَ وَلَا أَرْشَ (وَمُسْتَحِقُّهُ) أَيْ الِافْتِضَاضِ وَهُوَ الزَّوْجُ (لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي إزَالَةِ الْبَكَارَةِ بِذَكَرٍ) أَوْ غَيْرِهِ، (وَقِيلَ إنْ أَزَالَ بِغَيْرِ ذَكَرٍ فَأَرْشٌ) عَلَيْهِ لِعُدُولِهِ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ اقْتِضَاءَ الْعُدُولِ أَرْشًا (وَفِي الْبَطْشِ) أَيْ إبْطَالِهِ بِأَنْ ضَرَبَ يَدَيْهِ فَشُلَّتَا (دِيَةٌ وَكَذَا الْمَشْيُ) أَيْ إبْطَالُهُ بِأَنْ ضَرَبَ صُلْبَهُ فَبَطَلَ مَشْيُهُ لِأَنَّ الْبَطْشَ وَالْمَشْيَ مِنْ الْمَنَافِعِ الْخَطِيرَةِ (وَ) فِي (نَقْصِهِمَا حُكُومَةٌ) وَمِنْ نَقْصِ الْمَشْيِ أَنْ يَحْتَاجَ فِيهِ إلَى عَصًا (وَلَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَذَهَبَ مَشْيُهُ وَجِمَاعُهُ أَوْ) مَشْيُهُ (وَمَنِيُّهُ فَدِيَتَانِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَضْمُونٌ بِدِيَةٍ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ (وَقِيلَ دِيَةٌ) لِأَنَّ الصُّلْبَ مَحَلُّ الْمَنِيِّ، وَمِنْهُ يُبْتَدَأُ الْمَشْيُ أَيْ وَيَنْشَأُ الْجِمَاعُ وَاتِّحَادُ الْمَحَلِّ يَقْتَضِي اتِّحَادَ الدِّيَةِ وَمَنَعَ الْأَوَّلُ مَحَلِّيَّةَ الصُّلْبِ لِمَا ذُكِرَ.
(فَرْعٌ): إذَا (أَزَالَ أَطْرَافًا وَلِطَائِفٍ تَقْتَضِي دِيَاتٍ) كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ الْأَوَّلِ وَالْعَقْلِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنْ الثَّانِي (فَمَاتَ) مِنْهَا (سِرَايَةً فَدِيَةٌ) وَاحِدَةٌ لِلنَّفْسِ وَتَسْقُطُ دِيَاتُ مَا تَقَدَّمَهَا لِدُخُولِهِ فِي النَّفْسِ (وَكَذَا لَوْ حَزَّهُ الْجَانِي قَبْلَ انْدِمَالِهِ) أَيْ حَزَّ رَقَبَتَهُ قَبْلَ انْدِمَالِ جُرُوحِهِ تَجِبُ دِيَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِلنَّفْسِ وَيَدْخُلُ فِيهَا مَا تَقَدَّمَهَا وَالثَّانِي تَجِبُ دِيَاتُ مَا تَقَدَّمَهَا أَيْضًا وَلَوْ حَزَّ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَجَبَ مَعَ دِيَةِ النَّفْسِ دِيَاتُ مَا تَقَدَّمَهَا لِاسْتِقْرَارِهَا بِالِانْدِمَالِ (فَإِنْ حَزَّ عَمْدًا وَالْجِنَايَاتُ خَطَأٌ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا تَدَاخُلَ) أَيْ لَا يَدْخُلُ مَا دُونَ النَّفْسِ فِيهَا (فِي الْأَصَحِّ) الْمَبْنِيِّ مَعَ مُقَابِلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ مِنْ الدُّخُولِ عِنْدَ اتِّفَاقِ الْحَزِّ وَمَا تَقَدَّمَهُ فِي الْعَمْدِ أَوْ الْخَطَأِ فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ خَطَأً ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ عَمْدًا أَوْ قَطَعَهُنَّ عَمْدًا ثُمَّ حَزَّ خَطَأً وَعَفَا فِي الْعَمْدِ فِيهِمَا عَلَى دِيَتِهِ وَجَبَ فِي الْأَوَّلِ دِيَتَا خَطَأٍ وَدِيَةُ عَمْدٍ، وَفِي الثَّانِي دِيَتَا عَمْدٍ وَدِيَةُ خَطَأٍ وَعَلَى التَّدَاخُلِ تَسْقُطُ الدِّيَتَانِ فِيهِمَا. (وَلَوْ حَزَّ) الرَّقَبَةَ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْجَانِي الْمُتَقَدِّمِ (تَعَدَّدَتْ) أَيْ الدِّيَةُ وَلَا يَدْخُلُ فِعْلُ إنْسَانٍ فِي فِعْلِ آخَرَ.